قائمة المقاييس

فهرس المحتويات








    get this widget

    الخميس، 10 سبتمبر 2020

    علال الفاسي حياته و شعره

     



    علال الفاسي حياته و شعره

    حياته العلمية والسياسية:

           علال بن عبد الواحد بن عبد السلام  الفاسي الفهري من مواليد 8 محرم 1328 هـ / 20 يناير 1910م، فاس - توفي في 20 ربيع الثاني 1394 هـ / 1974م، بوخارست ) سياسي وأديب مغربي، مؤسس حزب الاستقلال وزعيم الحركة الوطنية المغربية، وأحد أعلام الحركة الإسلامية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين، التي دعت إلى نوع من السلفية التجديدية، رفقة محمد عبده ورشيد رضا ومحمد الطاهر بن عاشور وغيرهم.

         ولد علال الفاسي في مدينة فاس المغربية، ونشأ في بيت علم ودين، فأبوه عبد الواحد كان يشتغل بالتدريس في جامعة القرويين، وعمل بالقضاء لعدة سنوات. وينتمى لأسرة عربية عريقة هاجرت من الأندلس إلى المغرب واستوطنت بمدينة فاس تحت اسم بني الجد واشتهرت بآل الفاسي الفهري، ومن هذه الأسرة السيدة فاطمة بنت محمد الفهري التي بنت بمالها جامع القرويين الشهير، عام 245 هجرية. التحق علال الفاسي وهو دون السادسة من عمره بالكُتّاب، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بعد ذلك بإحدى المدارس الابتدائية الحرة التي أنشأها زعماء الحركة الوطنية في فاس، وكانت المملكة المغربية آنذاك قد خضعت للحماية الفرنسية سنة ( 1330هـ = 1912م) ووقعت في براثن الاحتلال ثم انتقل بعد ذلك إلى جامعة القرويين، وهي واحدة من أهم جامعات العالم الإسلامي، تخرج فيها كل زعماء الحركة الوطنية المغربية، وبرزت شخصية علال في هذه الفترة وهو لا يزال طالبا، ولفت الأنظار إليه بفصاحته وعذوبة لسانه وقدرته على التأثير في مستمعيه، وجرأته في قول الحق ، ساعد عبد الكريم الخطابي في جهاده ضد الاحتلال الفرنسي، ودفعته همته إلى تأليف جمعية أطلق عليها "جمعية القرويين لمقاومة المحتلين" جمع إليها زملاءه من الطلاب، وظل علال الفاسي على نشاطه الدائب حتى نال شهادة العالمية من جامعة القرويين سنة (1351هـ=1932م) ولم يتجاوز عمره الثانية والعشرين ، عمل مدرساً بالمدرسة الناصرية، وذلك أثناء دراسته بالقرويين. وبعد تخرجه وحصوله على إجازة من والده، ومن عمه الفقيه عبد الله الفاسي، ومن شيخيه أبي شعيب الدكالي ومحمد بن جعفر الكتاني، وصار يدرّس بجامع القرويين حول التاريخ الإسلامي.

         وعمل أستاذاً محاضراً بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويين بفاس، كما عمل محاضراً بكليتي الحقوق والآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومحاضراً بدار الحديث الحسنية بالرباط. وهو صاحب فكرة إنشاء وزارة للشؤون الإسلامية بالمغرب. وكان له فضل حث الملك الحسن الثانى سنة 1964م على إنشاء دار الحديث الحسنية. كما كان له دور بارز في تطوير جامعة القرويين واستحداث كلية الشريعة وكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية. وكان عضواً ومقرراً عاماً في لجنة مدونة الفقه الإسلامي التي شُكلت في فجر الاستقلال المغربي. كما أن له باعاً طويلاً وقدماً راسخة في الفقه الإسلامي وخاصة الفقه المالكي والفقه المقارن، وله اجتهادات فقهية يحتج بها علماء المغرب والجزائر و تونس .وانتخب عضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية بدمشق وبمجمع اللغة العربية بالقاهرة  

         اعتقلته السلطات الفرنسية وهو طالبٌ بالعالمية، ونفته إلى بلدة تازة، ثم عاد بعد الإفراج عنه إلى فاس سنة 1931م، فمنعته من التدريس، فانصرف إلى جامع القرويين يلقي الدروس العلمية الليلية عن تاريخ الإسلام، وعن سيرة نبي الإسلام ، مقارنا بين حالة المسلمين الأوائل وواقع إخوانهم المعاصر، وقد جذبت هذه الدروس اهتمام المغاربة من الرجال والنساء، ولم يكتف بهذا، فاختار نخبة من زملائه وأوفدهم إلى شتى القرى للتوعية وتأجيج الشعور الوطني.

         في عام 1933م حاولت الإدارة الفرنسية اعتقاله مجدداً فسافر إلى إسبانيا و سويسرا، واتصل بالأمير شكيب أرسلان وجماعته. وعاد إلى المغرب عام 1934م فشارك في تأسيس كتلة العمل الوطني، وكما أسس أول نقابة للعمال سنة 1936م. وبعد تقديم وثيقة مطالب الشعب المغربي سنة 1937م للسلطات الحماية، أبعدته السلطات إلى الغابون منفياً إلى سنة 1941م، ثم إلى الكونغو حتى سنة 1946م، حبيساً في زنزانةٍ. بعد إطلاق سراحه، وانشقاق محمد الحسن الوزان عن الكتلة الوطنية، أنشأ مع رفاقه حزب الاستقلال ثم سافر متنقلاً بين البلاد العربية والأوروبية يدعو لاستقلال المغرب عن فرنسا، وقد استطاع في هذه الجولات أن يتصل بكثيرين من القادة والزعماء والمجاهدين في العالم الإسلامي.

         عاد إلى المغرب سنة 1949م فمنعه الفرنسيون من الدخول، فأقام بمدينة طنجة، وكانت يومئذ منطقة دولية. وفي سنة 1953م قام الاستعمار الفرنسي، بنفي الملك المغربي محمد الخامس بن يوسف خارج البلاد، فدعا علال الفاسي الشعب المغربي للثورة ضد فرنسا، وكان قائد الثورة حتى عودة الملك، واستقرار أمر البلاد.

        بعد نيل المغرب استقلاله سنة 1375هـ/1955م  رجوع الملك محمد الخامس إلى عرشه عاد علال الفاسي إلى المغرب بعد غياب عشر سنوات قضاها في القاهرة، وعاود نشاطه القديم فتولى رئاسة حزب الاستقلال الذي أنشئ من قبل، واختير عضوا رئيسيا في مجلس الدستور لوضع دستور البلاد، ثم انتخب رئيسا له، وقدم مشروع القانون الأساسي، وشارك في وضع الأسس الأولى لدستور سنة 1962م، ودخل الانتخابات التي أجريت سنة 1383هـ/ 1963م ودخل الوزارة، وإليه يرجع الفضل في إنشاء مشروع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.

         بعد وفاة الملك محمد الخامس، تولى وزارة الدولة للشؤون الإسلامية عام 1961م ، ثم استقال عام 1963م ، وانضمّ بحزبه حزب الاستقلال إلى صفوف المعارضة.

       وافته المنية في يوم الاثنين 20 ربيع الآخر 1394هـ - 13 مايو 1974م، وكان موجودا في بوخارست عاصمة رومانيا، في زيارة لشرح وبيان قضية المغرب و الصحراء الغربية، والقضية الفلسطينية ، خلف كثيرا من المؤلفات في شتى الموضوعات، وتعتبر خزانة كتب مؤسسة علال الفاسي من أغنى الخزانات الخاصة بالمغرب.

    مؤلـفاته :

    • العودة إلى أسبانية • الحماية في مراكش ممن الوجهتين التاريخية والقانونية. • الحركات الاستقلالية في المغرب العربي.

    • السياسة البربرية في المغرب: عناصرها ومظاهر تطبيقها.• النقد الذاتي.• المغرب العربي من الحرب العالمية الأولى إلى اليوم.• حديث المغرب في المشرق.• عقيدة وجهاد.• منهج الاستقلالية.• مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها.• دفاع عن الشريعة.• معركة اليوم والغد.• نضالية الإمام مالك ورجال مذهبه.• واقع العالم الإسلامي.• الإسلام وتحديات العصر.• في المذاهب الاقتصادية.• تاريخ التشريع الإسلامي.• دفاع عن الشريعة• شرح مدونة الأحوال الشخصية• المدخل للفقه الإسلامي• المدخل لعلوم القرآن والتفسير

    شعر عـلال الفاسـي :

         يمتاز الأستاذ علال الفاسي  رحمه الله- في مجال عطائه الشعري بعمق شاعريته وصدقها، وطول نفسه الشعري، يدل على ذلك كثرة شعره وغزارته، واستمرار إنتاجه من صباه إلى آخر حياته. والمتأمل في شعر علال – على اختلاف أبنيته ومعانيه ومضامينه – يجد انه من حيث المضمون لا يخرج عن المجال الديني والسياسي والاجتماعي إلا قليلا، وتبعاً لذلك فإنه من حيث الشكل لا يكاد يجد فيه أثراً للجمال الفني ورونق الشعر وبهائه، إلا في قصائد معظمها – أو كلها –من قبيل ما خرج عن شعره الديني والسياسي والاجتماعي، وسبب ذلك: أن الرجل لم يستخدم شعره لذات الشعر.

         فالشعر – إذا- جبهة من جبهات جهاده العلمي، وأداة من الأدوات التي اعتمدها في أداء رسالة العالم، ومن ثم لم يهتم بمظاهر الجمال الفني، والرونق الأدبي، إلا ما جاء من ذلك عفوا وسجية، وكأنه أحس ذلك، واستعد له منذ طفولته حين قال في إحدى قصائده المبكرة:

    وما أنا ذو الشعر الذي طار صيته       وردده من لا يـزال مناغيا

    فآتي بالسحر الحـــلال تحديا       وانظم من شعري عقوداً غواليا

    ولكنني طــفل تسيل دموعه           فينظمها للقارئين قوافيا

         لقد كان الشعر أول وسيلة سلكها علال الفاسي في طريقه الجهادي والحركي والنضالي، وكان الشعر أول وسيلة اشتهر بها في مجتمعه، وبين قومه، شابا يحب الإصلاح والتغيير والبناء والتجديد لوطنه وأمته، واستمر يعتمد هذه الوسيلة إلى آخر حياته...خمسون عاما، إذ كانت مملوءة بالعطاء الشعري الذي وقفه على خدمة دينه ووطنه وأمته. ومنذ أن فتح عينيه في الدنيا وجد نفسه في مجتمع يعبث به الاستعمار، وينعم بخيراته، ويستنزف دماء أبنائه ويستعبدهم، فأدرك خطورة الوضع، ومرارة الواقع، فأعد نفسه وجندها لخوض المعركة وأداء الرسالة، وكانت صرخته الأولى هي تلك القصيدة التي بث فيها لوعته وتحسره على أمته المنكودة، وأمله في تحريرها من سلطة الاستعمار، واستعداده لإنقاذها بما يملك من نظر بعيد، ونفس لا تقبل الضيم، ولا ترضى الظلم.  يقول  في مطلع هذه القصيدة وهو حينئذ ابن سبع عشرة سنة :

    أبعد مرور الخمس عشرة ألعب   وألهو بلـــــذات الحياة وأطرب

    ولي نظر عال ونفــــس أبية    مقاما على هام المـجرة تطلب

    وعندي آمال أريد بــــلوغها    تضيع إذا لاعبت دهري وتذهب

    ولي أمة منكودة الحظ لم تجد    سبيلا إلى العيش الذي تتطلب

    قضيت عليها زهر عمري تحسرا فما ساغ لي طعم ولا لذ مشرب

         وإلى جانب تحسره على أمته المنكودة المنكوبة، فهو يتألم ويتضجر من أصحاب النفوس الصغيرة الذين يشغلهم متاع الدنيا عن أن يفكروا لتخليص البلاد من حكم المستعمر، ويجاهدوا في سبيل ذلك، ومن ثم فهو يتوجه إلى الشباب مثله، ويعقد آماله عليهم في تحرير البلاد والعقول، وردها إلى قوتها ومجدها.  يقول في نفس القصيدة:

    وما ساءني في القوم إلا عقولهم       وظنهم أن المعالي توهب

    وكنت أرى تحت العمائم حاجة        فما هي إلا أن يروم المرتب

    بلوت بني أمي سنين عـديدة        فألفيت أن للنشء للخير أقرب

           ولما كان الشباب هو البديل المرتقب، والمادة الصالحة لحمل راية الجهاد، والمعول عليه في الشدائد والصعاب، راح الشاعر علال بشحذ عزائمهم، وينهض هممهم، ويذكي فيهم روح الجهاد، ويعدهم ليوم الكريهة بالتكوين العلمي والثقافي من جهة، وبالتحميس العاطفي من جهة ثانية.  يقول في قصيدة أخرى مبكرة يخاطب بها الشباب وهو دون العشرين من عمره:

    كل صعب على الشباب يهون        هكذا همة الرجال تكون

    قدم في الثرى وفـوق الثريا        همة قدرها هناك مكين

    قد حسبناهم رجــالا فكانوا        ولهم في الحياة مغزى ثمين

    مثلوا ما مضى لهم من فخار         ليرى ما أتاه دهر خؤون

         وفي سياق هذه الروح الحماسية التي يزرعها في الشباب، ويذكرهم بجهاد الآباء وقوتهم وجرأتهم على الأعداد فيقول :

    أين ضاعت عزائم ونفوس     أين ضاعت معارف وفنون

    أين آباؤنا وأين حــماهم       أين ساحاتهم وأين الحصون

    أين من دوخوا الفرنج ودالت    لهم الهند عن رضى والصين

          ويقول في صرخة أخرى حماسية مبكرة يبث فيها توجهاته النضالية، وطموحه الجهادي، معولا فيها على الشباب، معبرا فيها عن عقيدته التي يجاهد من أجلها ومبدئه الذي لا يتزحزح عنه، وهو يومها ابن سبع عشرة سنة:

    ولي أمة غصبت حقها      سـأخدمها بسنا الخدمات

    وأنفخ في نفسها نهضة     تروق على سائر النهضات

    وألقي على نشئها نظرة     ترقي البنين وتعلي البنات

          وإلى جانب رسوخه وثباته على القيم والمبادئ، وصبره وتحمله من أجل ذلك، فهو عزيز النفس، أبي، لا يقبل الضيم، ولا يرضى بالدنية، مستعد لتحمل الشدائد والمحن المادية والمعنوية دون أن يرضى بأن يكون محل إشفاق وعطف، ولا أن يشمله جميل أحد أو صنيعه:

    إني لأقبل موت الجوع معتزما      كي لا أكون محل البذل والصداقة  

           وقد أدرك برسوخه في هذه المنزلة، واستقراره في هذا المقام، أنه لم يخلق لنفسه، وإنما خلق لدينه ووطنه، خلق من أجل الجهاد والتضحية لترسيخ القيم الإسلامية في مجتمعه وبنائه عليها بناء محكماً مرصوصاً لا تمتد إليه الأيدي، ولا تؤثر فيه المعاول، وقد بث هذه المعاني السامية في كثير من قصائده منها قوله في قصيدة " نموت ويحيى الوطن" :

    لذة الموت حياة الوطن    وفداه من صروف الزمن

    هو بغياي التي أطلبها   وهو لي كل فخار أبتني

    أنا لم أخلق لنفسي إنما   أنا مخلوق لأجل الوطن

    لقد أدرك علال أن أمته غزيت غزوين خطيرين: عزواً ماديا وعسكريا سياسيا، وغزواً فكرياً عقدياً ثقافياً إعلامياً

    يقول مقررا هذه المعاني في قصيدته الملحمية التي نظمها بمناسبة ذكرى معركة وادي المخازن:

    بني وطني ماذا دهاكم فصــــرتم    إلى فرقة مبــــغوضة وتطاحن

    أعيدوا لهذا الشعب ماضي مجده   وكونوا لنصر الحق خير مثابن

    ولا تدعوا الأعداء تعبث بينــنا    وتخلق فينا موجبات التباين

    يقول رحمه الله في قصيدته "اضطهاد لغة القرآن":

    إلى متى لغة القرآن تضـطهد    ويستبيـح حناها الأهل والولد

    أما دروا أنها في الدهر عدتهم  ومالـهم دونها في الكون ملتحد

    ولن تقوم لهم في الناس قائمةأو يستقيم لهم في العيش ما نشدوا

          وأما المرأة فقد دعا إلى تعليمها وتربيتها وإعدادها لوظيفتها الاجتماعية إلى جانب أخيها الرجل، وتحريرها من رواسب الجاهلية ومخلفات الاستعمار،ولعله بذلك أول من دعا إلى ذلك ونادى به المغرب:

    يا قوم ماهاتي الجهالة منـكم     إني أرى سـيل التعصب مفعما

    البنت مثل الطفل إن أصلحتها     صلحت، وإلا كنت أنت المجرما

    ربوا الفتاة على المعالي إنــها   إن هذبـت تلج السبيل الأقوما

         هكذا إذن عاش الشعر علال مجاهداً بشعره، كما جاهد بعلمه ونضاله، وجعل من شعره الصادق الواضح أداة من أدوات رسالته التي عرف وزنها وقيمتها،وقدرها حق قدرها، إنها رسالة العالم في حياته وواقعه ومجتمعه وأمته:

    الدعوة إلى الحفاظ على القرآن واللغة العربية.

    الدعوة إلى الاستقلال والتحرر من التبعية والغزو الغربي المادي والمعنوي.

    الدعوة إلى وحدة الأمة الإسلامية.

    مراجع :

    - الأدب العربي في المغرب الأقصى ج: 2/ 4،3،2.

    - المختار من شعر علال الفاسي إعداد اللجنة الثقافية لحزب الاستقلال الطبعة الأولى 1976م

    - تاريخ الشعر العربي الحديث، لأحمد قبش، لبنان : 1971م




    حمل الملف من هنا

    علال الفاسي شعره وحياته

    المشاركات المميزة

    مشاركات