قائمة المقاييس

فهرس المحتويات








    get this widget
    ‏إظهار الرسائل ذات التسميات النص الشعري المغاربي. إظهار كافة الرسائل
    ‏إظهار الرسائل ذات التسميات النص الشعري المغاربي. إظهار كافة الرسائل

    الخميس، 4 مايو 2023

    إشكالية الهوية والإبداع : الإنسان ، الوطن، المكان واللغة

     




    قضايا الشعر المغاربي

    إشكالية الهوية والإبداع : الإنسان ، الوطن، المكان واللغة.

    - 1- مفهوم الهوية :

          مفهوم الهوية من ناحية الدلالة اللغوية ، هي كلمة مركبة من ضمير الغائب " هو " مضافا إليه ياء النسبة لتدلّ الكلمة على ماهية الشخص أو " الشيء " كما هو في الواقع بخصائصه و مميزاته التي يعرف بها ، بناء على مقومات           وخصائص معيّنة تمكّن من معرفة صاحب الهوية بعينه دون اشتباه مع أمثاله من الأشباه؛ فهي خصوصية تاريخية ، لغويّة ، دينية ، فكرية، ثقافية و قيميّة، تساهم في نحت ملامح هويّة خاصة تتميّز عن بقية الهويات الأخرى، و التي تختلف عنها بالضرورة ،وعبرها يتواصل مع الأنا كما الآخر. إنّ الإنسان كائن لا ينأى عن رسم حدود ذاته بواسطة منطق الهوية ، والتي تحدّد رؤيته للعالم وللأشياء، فيكتسب طرق إقامته في العالم، فيعرف ذاته و يعرف غيره، فهي مخزون و موروث جمعيّ تاريخي طويل الامتداد في الزمان والمكان ، مملوء بالأمجاد و الإيجابيات وبالتناقضات       و التعارضات ، فالهوية على سبيل التلخيص هي جملة الملامح الفكرية و العقدية خاصة بجماعة بعينها ، بها تعرف      و تتميز و تقيم في العالم.

          ومن التعريفات الأخرى لمصطلح الهوية أنّها كل شيءٍ مُشترك بين أفراد مجموعةٍ مُحدّدة، أو شريحة اجتماعية تُساهم في بناء مُحيطٍ عامٍ لدولةٍ ما، ويتمُّ التّعاملُ مع أولئك الأفراد وفقاً للهوية الخاصة ولقد حرصت شعوب العالم منذ بداية البشرية حتى هذا اليوم على المُحافظة على تميزها وتفردها اجتماعياً، وقوميّاً، وثقافياً، لذلك اهتمت بأن يكون لها هويّةٌ تُساعدُ في الإعلاء من شأن الأفراد في المجتمعات، وساهم وجود الهوية في زيادة الوعي بالذات الثقافية والاجتماعيّة، مما ساهم في تميُّز الشعوب عن بعضهم بعضاً، فالهويّة جزء لا يتجزأ من نشأة الأفراد منذ ولادتهم حتى رحيلهم عن الحياة.

         ساهم وجود فكرة الهويّة في التعبير عن مجموعة من السمات الخاصة بشخصيات الأفراد؛ لأن الهوية تُضيفُ للفرد الخصوصية والذاتية، كما أنّها تعتبرُ الصورة التي تعكس ثقافته ولغته، وعقيدته وحضارته، وتاريخه، وأيضاً تُساهم في بناء جسورٍ من التواصل بين كافة الأفراد سواء داخل مجتمعاتهم، أو مع المجتمعات المختلفة عنهم جزئيّاً معتمداً على اختلافِ اللغة، أو الثقافة، أو الفكر، أو اختلافاً كُليّاً في كافة المجالات دون استثناء.

    2- مفهوم الهوية في الشعر الجزائري:

         إن البحث في مسألة الهوية في الشعر الجزائري طريقة حضارية لدحض كل الإدعاءات الزائفة حول هوية الجزائريين وتراثهم الذي يمثل تراكما لمعارف كثيرة، على امتداد قرون عديدة ؛ فالحديث عن الهوية في الشعر الجزائري الحديث يعد أمرا قديما قدم هذا الشعر، فمنذ أن تأسست الدولة الجزائرية على يد الأمير عبد القادر الجزائري ، والشعراء لم يتوقفوا لحظة عن الدعوة إلى الثوابت الوطنية ، وحث الشعوب على رفض كل أساليب المستعمر الذي أراد طمس معالم هذه الهوية العربية الإسلامية .

          لقد كانت أطروحة الشعر الجزائري الحديث أطروحة الثورة، فكان لزاما على الشعراء إظهار كلمتهم في مجابهة المستعمر، وبوصف أسس الثورة التحريرية، هو إثبات الهوية الوطنية واسترجاع السيادة، فقد ارتبطت قضايا الشعر الجزائري الحديث ارتباطا وثيقا بالثورة ضد المستعمر الفرنسي الذي قام بطمس الهوية الوطنية، والبعد الديني والحضاري للشعب الجزائري، فأبرز الشعراء موقفهم من المستعمر، وتغنوا بالعروبة والدين الإسلامي، ودافعوا عن الثوابت الوطنية، وسعوا إلى ترسيخها في أذهان الناس، وتحقيق الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية وإثبات الهوية. أدت هذه الفترة إلى ظهور أسماء كثيرة من الشعراء أمثال : محمد العيد آل خليفة، مفدي زكريا، محمد السعيد الزاهري، محمد الهادي السنوسي، الطيب العقبي ، أحمد سحنون وابن السائح محمد اللقاني... وغيرهم.

           وقد ساير الشعر الجزائري الحديث الثورة التحريرية ، فظهر شعر الثورة؛ حيث عبر الشعراء عن قضيتهم الوطنية فى مقاومتهم الاحتلال الفرنسي، فاتسم شعرهم بالنزعة الوطنية التي تمجد الثورة والوطن، ومن بينهم شاعر الثورة مفدي زكريا الذي تغنى بحب الجزائر، وعبر عن حب الجزائريين للوطن وثورتهم ضد المستعمر :

    ويا ثورة حار فيها الزمان     وفي شعبها الهادئ الثائر

    ويا وحدة صهرتها الخطوب فقامت على دمـــــها الفائر

         لقد كان الشاعر مفدي زكريا يدافع عن الثوابت الوطنية وسعى إلى ترسيخها و يحارب بالكلمة كل ما من شأنه محو آثار هذه الهوية وطمسها ؛ فسعى في شعره إلى التغني بالعروبة والاعتزاز بهذا الانتماء الذي كان عن طريق الدين الإسلامي، فكان الاعتزاز بالعربية اعتزازا بالإسلام كذلك.

         وعبّر الشاعر صالح خباشة عن الثورة الجزائرية وجعلها عبارة عن صرخة الثوار في وجه المستعمر، والتي تواكبها طلقات المدافع والرشاشات للدفاع عن حمى أرض الوطن وشعبها الطاهر والصامد في وجه المستعمر ، إذ

    يقول :

    اسمعوها صرخة من كل ثائر وحدة القطر وشعبي في الجزائر

     یا بلادي أنا أقســــــمت بثأر  يصرخة المدفع والرشاش هادر

    غاية الثوار في أرض المفاخر أنا دون النصر لا تخمد ناري

    فاسمعوها صرخة من كل ثائر لن تنالوا أي شبر في الجزائر

           لقد صور الشعراء من خلال شعرهم ظلم وطغيان المستعمر ، ومآسي الشعب الجزائري، وعبروا أيضا عن صمود هذا الشعب أمام جرائم المستعمر الفرنسي من خلال ثورتهم ضده ، والسعر للدفاع عن استقلال الجزائر، ومجد الشعراء ثورة الجزائر، وعبروا عن إحساسهم إزاء نارها الملتهبة التي تحرق العدو، وتنتصر لسيادة الجزائر.

           إذا انتقلنا إلى الهوية الدينية، فإن الشعراء الجزائريين قد وظفوا في أشعارهم معاني القرآن الكريم، فقد أضفوا مثلا على الأشعار التي تتناول أحداث الثورة طابعا دينيا، واعتبروا كفاح الشعب الجزائري ضد ظلم الاستعمار جهادا في سبيل الله، ومثال ذلك تشبيه الشاعر مفدي زكريا الفاتح من شهر نوفمبر تاريخ اندلاع ثورة التحرير بليلة القدر، وجعل قيمة هذا التاريخ من قيمة غزوة بدر أيضا، إذ يقول:

    تأذن ربــــــــــك ليلة قـــــــــدر  وألـــقى الستار على ألف شهر ​

    وقال له الشعب: أمــــرك ربي  وقــــال له الرب: أمرك أمري​

    ودان القصاص فرنسا العجـــوز  بما اجترحت من خداع ومكــــــر ​

          لقد غيّر الفاتح من نوفمبر مسار الحياة في الجزائر، من خلال مواجهة المستعمر الظالم، والاستشهاد في

    سبيل تحرير الجزائر الذي هو بمثابة استشهاد في سبيل الله.

    ويؤكد الشاعر صالح خرفي أن ثوار الجزائر ما هم إلا امتداد طبيعي لمجاهدي الأمة الإسلامية، والذين ثاروا من أجل إعلاء كلمة الحق والإسلام وإعادة أمجاده، حيث يقول:

    في أرض الجزائر خير جند * يقيم لغابر الإسلام ذكرى

    كأنّك فيهم (بعلي) ينادي * لقد وعد الإلهُ الخلقَ نصرا

     فهُبّوا لاقتحام النّار وابنُوا * على جثث الفدا للمجد جسرا

    فليت العين منك رنت إليهم * إذن لتذكّرت أحدا وبدرا .

    3- الهوية في الشعر التونسي :

         لم يكن الشعر التونسى بمنأى عن التطورات الحضارية بل استبطنها وتمثلها، فخرجت علينا شعرا يحمل بين جنباته ملامح هوية منفتحة على منجزات الآخر النصية والقاطعة مع قديم الشعر، والمتخذة لنفسها أشكالا تعبيرية مغايرة للنموذج الشعري العربي التراثي، ومن هذه الزاوية يمكن أن نقسم المدوّنة الشعرية التونسية على ضوء تفاعلها مع سؤال الهويّة إلى ثلاثة أقسام رئيسيّة تختزل طرق تفاعل الشعر مع رجّة الحداثة و كيفية صونها للهوية أو القطع معها، وهي كالآتي :

    أ - الكتابة التوفيقية : يدخل تحت طائلة هذا العنوان عدد كبير من شعراء تونس على غرار آدم فتحي و محمد الخالدي و عادل المعيزي ، حافظ محفوظ و محجوب العيّاري جميلة الماجري، المولدي فرّوج ، وعبد الله مالك القاسمي، ممن استفادوا من منجزات الحداثة فتمثلوها واستوعبوها بطرق مختلفة، وتبدو الكتابة لدى آدم فتحي ومحمد الخالدي كتابة منخرطة في الحداثة قاطعة مع الأمس الشعري التليد و يظهر ذلك جليًا في نقل الشعر من مرحلة الكتابة الخليلية إلى كتابة تستقدم فنونا أخرى مثل السينما والمسرح و الفنون التشكيلية و لقد أثرت فيها ثقافة الصورة أيما تأثير.

    ب - كتابة القطيعة : هي كتابة نسفت كلّ الهويات لتنتصر لهوية الذات والشعر، ولهويّة النص، فحملت القصيدة معها من النواهي ما يلزم الشعر بأن يتجنّب أي تراسل مع الخارج ، و قطعت مع كلّ الإكراهات ( الوزن / المعنى ) لتدشن بذلك عصر الكتابة الخالصة كما أطلق عليها الأستاذ المنصف الوهايبي والتي تمثلها أسماء عديدة مثل الشاعر عبد الفتاح بن حمودة و آمال موسى ، فصار الشعر يتجنّب أن يستعير من الخارج اسما أو مناسبة أو موضوعا. وصارت القصيدة نصا منغلقا على عالمه الشعري، منه ينطلق و إليه يعود في حركة دائرية، غايتها الإنصات للغة للذات، إنّه احتفاء بالشعر لذات الشعر ، صفتها الاختزال والتكثيف والإيحاء والوصف .

     ج- الكتابة المنتصرة للهوية : ليست الكتابة ترفا أو تسلية، الكتابة مأساة أو لا تكون على حدّ تعبير الأديب التونسي محمود المسعدي، ومأساة الكتابة الناشئة من رحم الهم الذاتي و الموضوعي، فالسياسي والوجودي والقيمي و الحضاري أشياء تنطلق منها الكلمة و إليها تعود، وعلى من نصب نفسه صاحب فكر و رؤية و موقف و قلم أن يتمثلها مبنى و معنى، و بالتالي أن يكون مثقفا عضويا بامتياز يدافع بفكره عن أمته وهويتها .

    4- الهوية في الشعر المغربي :

        استقر الشاعر المغربي المعاصر في بداية الألفية الثالثة عند الجانب الذاتي، وواصل بحثه كما بدأه الرواد من قبل، لكن الملاحظ أن التعبير عن الذات اختلف من حيث الوظيفة؛ فالشاعر الآن يقاربها من حيث موقعها في المجتمع، كما أنه لم يَعُدِ المغترب أو المتأرجح بين الانتظار والسقوط إن البحث عن الذات دفعَ الشاعر المغربي المعاصر إلى استجلاء الروح الصوفية، تشبعا بما اجتمع فيها من رؤى تعبيرية رصينة، تقترب من ذاته الباحثة عن الهوية، ومن الذات المبدعة المناجية للآخر بأسمى كلماتِ الهوى.

         وحينما نطلع على بعض المجموعات الشعرية المغربية المعاصرة للجيل الجديد، نلمس التوغل في الإبداع ، وفي ذلك تأويل للذات المبدعة التي يطغى عليها الحس الشاعري، فتحاولُ تَلَمُّسَهُ من خلال التعبير اللغوي بطاقة إبداعية خلاقة، كما أن الشاعر المعاصر يلجأ إلى ذلك للترويج لفكره وتجربته الشعرية بناءً على معطى أساس وهو أن البحث عن الهوية الذاتية أرْخَتْ بظلالها على الشعر نفسه، فأصبح الشاعر تواقا إلى حديث رمزي إيحائي عن التجربة الإبداعي

         ويتخذ الشاعر المغربي المعاصر انتماءه في وطن الشعر ملجأ يجعل منه حياة أخرى غير التي يعيشها، وقد يختار أن يكون وطن فلسطينَ أمَّةً وملاذا، ووطنُ القصيدِ فضاءً لذيذا، كما قد يجعل شاعرٌ آخرُ القصيدة وطنا كليا، فينبُتُ فيهِ ويستجيرُ به أثناء تيههِ ، كما يلجأُ أيضا إلى استحضار بعض التفاصيل اليومية للأمة العربية والإسلامية بتذكر أوجاع الأمة الفلسطينية التي فقدت المكان والزمن والهوية، فيجعلُ القصيدة مأوى استثنائيا ووطناً ممكناً. و قد يتساءلُ الشاعر عن فحوى الكينونة والوجود الإنساني في ظل غياب أسس الحياة الكريمة، وهو اتجاه انتهجه الشعراء منذ القديم، ويَنْزِعُ إلى الحفاظ على الكرامة والهوية والنزعة الإنسانية المفتقدة، وهي أسئلة مشروعةً يبحث من خلالها الشاعرُ عن ذاتٍ مبدعة وسط وطن محكوم بالضياع والدم الممزوج بضحايا المواطن الباحث عن ذاته.

          ويمكن القول ، إن البحث عن الهوية إن لم يكن من داخل الذات، فالأولى أن يتعود الشاعرُ على ذاته خارج إطار الشعراء العاديين، بمعنى أن المبدع يختارُ بين مُرَّيْنِ، إما البحث عن ذات وسط ذوات أخرى أو خلقُ ذاتٍ بديل ،إن أغلب الشعراء المغاربة المعاصرين يلجؤون إلى تعويض الذات بالوطن الشعر ، أو الوطن الآخر، وهو دليل على البحث عن الملاذ في الوطن الآخر، أو الوجود الأصلي الذي يرتضيه كيانا ووجودا.

         و أثناء بحثِ الشاعر عن الوطن ؛ قد يسافرُ بهِ اللفظ إلى دهاليز الرؤى البعيدة، فيحاول أن يجد الصيغة الملائمة لذاته، فيهرب باللغة إلى أسمى التعابير التي تجعل الشاعرَ يَتُوقُ إلى البحث عن خلاص الذات من وقع المعيش اليومي المرير، وتقصي الواقع المتخيّل الذي يتيه فيه في عالم تيه الإبداع الذي يجد به روحا شعريةً جديدة بديلة، ملؤها اللغة المستَترَةُ وراءَ العشق الصوفي وقد تكون الذاتُ المبدعة في الغالب ذاتا متمردة على الواقع الإبداعي، لذلك نؤكد أن الشاعر المغربي المعاصر في التجربة الجديدة مبدع باحث عن ذاتٍ مبدعة أكثر من بحثه عن الذات الإنسانية، لذلك فالغوص في تكاليف الإبداع وصيغ البحث عن وظيفة الشعر وأهميته، والنبش في القضايا العالقة به وغيرها من التنظيرات الشعرية كانت من صُلب الموضوعات التي أثارت اهتمامه، فلبی بها منطق ذاته، واستطاع أن يكَونَ لبنةً أُولى لكثير من التوجهات الأدبية العامة، من هنا بحث الشاعر المغربي المعاصرُ عن توجه جديدٍ يبحث من خلاله عن الآخر، وإن تعددت السبُلُ. وخلاصة القول :

          لقد عَمِدَ الشاعر المغربي المعاصر إلى البحث عن المرادف لحياته ، فجعل الوطن أولا، والقصيدة ثانيا، والآخر ثالثا، كما أن الذات الإنسانية حاضرة بقوة عوضا عن الهوية الضائعة في المجتمع. رابعا : انتباه البعض إلى الكينونة العربية والإسلامية بحثا عن الهوية المغيبة ، وهي في مجملها عوالم ذاتية، كتمها الشاعر في حياته ليخَلَّدَ بها شعرَه، كما أنه استطاع أن يقدم صورة عن واقع معيش يرتضيه أفقا وفضاء حياتيا بديلا للواقع الحياتي المرير، لكن المؤكد أنه لم يواصل غربته الوجودية كما انتهى إليها الشعراء الرواد، بقدر ما حاول أن يتبنى موقف المدافع عن الحرية الفردية وعن الحياة الكريمة ، لذلك اختار أن يدافع عن الشعر بالشعر ذاته ليبحث عن بديل موضوعى أو معادل موضعي لحياته.

    5. المكان والإنسان في الشعر المغاربي الحديث :

             نشأت علاقة حميمة بين الإنسان والمكان منذ القديم، ولقد صوَّر الشعر المغربي هذه العلاقة ، وللمكان تجليات مختلفة في الشعر المغاربي سنتعرض إلى بعضها، و قصيدة في عظمة الجبل خاطب فيها الشاعر أحمد سحنون جبل (الضاية) من وراء قضبان المعتقل إبان حرب التحرير: 

    أيها الطود ليت لي منك ما … أوتيته من مناعة واعتلاء!

    ليتني كنت- أيها الطود- حرا … من قيود قد حطمت كبريائي

     ليتني كنت منك قطعة صخر … لا تحس الغرور في الأدعياء

     وإذا ما الرياح مرت عليها … رمقتها بنظرة استهزاء!

          ولذلك تردد ذكر الجبل كمكان مفضل لدى الشعراء«وتعتبر جبال الأوراس أكثر إثارة لقريحة الشعراء وجذبًا لشاعريتهم ، لأن الأوراس كانت المقاومة، يقول الشاعر صالح خرفي :

    من منبر(الأوراس) حي المجمعا                                «فالضاد والرشاش قد نطقا معا»

    فانظر هنا تجد البطولة منبرا                                    وتر البطولة في الجزائر مدفعا

    لم تروا غلتنا المنابر، فارتقيـ                                   ـنا لخطابة (أطلسا) متمنعا

    تلك الذرى كم زمجرت برصاصها                             فأرت لنا منه الخطيب المصقعا

         إن للمكان أهمية كبيرة في بناء النص الشعري المغربي  وقد يظهر للبعض أن الأهمية التي نعطيها للمكان في المتن الشعري المعاصر بالمغرب تضخيم لوعي الشاعر المغربي ، ويمكننا إدراك بنية المكان في المتن الشعري المعاصر بالمغرب ، ودلالة وجودها من خلال النص الشعري هسبريس للشاعر محمد الخمار الذي يقول فيه :

    تناديك باسمك

    ريح السهوب و قد حركت شجر النهر

    وجه الغبار و قد ملأته الكتابة،

    شمس المحيط و ما لونت، من سفوح و غاب،

    يد الورق المتساقط فوقك غبّ المساء،

    تناديك باسمك ،

    هسبريس تناديك باسمك في كل عام

    تذبّح أبناءها و تقول :

    من خلال الرماد رأيتك نارا،

    فنارك فيك ، فنارك فيك.

    وتكلم الشاعر المغربي عن الإنسان بوصفه ذاتا  متألمة  ونجد ذلك مثلا عند الشاعر محمد السرغيني، الذي يقول في قصيدة "الإنسان والأرض" :

    إنسان الساعة في بلدي مغلول الأشواق كالأسد يتنمر

    مصلوب الفكر ويظل يغني للأبد

    إنسان الساعة في بلدي، لا يعمل للحب

    إنسان الساعة في بلدي

    يحيا كالصخر بلا قلب ».


    التحميل من هنا



       


    الأربعاء، 8 مارس 2023

    اتجاهات الشعر : قضاياه وأغراضه في ليبيا









    اتجاهات الشعر في ليبيا.[1]

    1.     اتجاهات الشعر في ليبيا:

         صنف المؤرخ محمد الحاجري شعراء تلك الفترة إلى ثلاثة أجيال. جيل الشيوخ الكلاسيكيين الإحيائيين ومثله أحمد رفيق، وجيل الشبان ومثله علي صدقي عبد القادر، وجيل الناشئة ومثله آنذاك رجب الماجري. وإذا كان الرواد الشيوخ على منهج القصيدة التقليدية قد حاولوا الرقي بالقصيدة  من حضيضا الركاكة والزخارف اللفظية التي هيمنت على العصر السابق، فإن جيل الشبان ما لبث أن أشرب ثقافات عصره الحداثوية بانفتاحهم على شعر التفعيلة وتفاعلهم مع رومانسيات معاصريهم الذين تأثروا بالانفتاح الثقافي على الغرب وبشعراء المهجر، حيث ظهر هذا الأثر في شعر (علي صدقي عبد القادر) و (علي الرقيعي) و (خالد زغبية) و (حسن صالح) وغيرهم. وابتداءً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر ؛ كان من أشهر شعراء ليبيا: الشاعر (مصطفى بن زكري)، والشاعر (إبراهيم باكير)، والمجاهد (سليمان الباروني)، و (محمد) السني وأحمد الشارف) ، و (أحمد) قنابة)، و(أحمد رفيق المهدوي).

    أ - اتجاه التقليد والمحاكاة :

          لقد كان التقليد والمحاكاة السمة البارزة في الشعر الليبي في المرحلة الأولى من مراحل الحياة الأدبية في ليبيا أثناء السيادة العثمانية، ومع وصول تلك النداءات التي تدعو لمحاكاة القديم، فاستجابوا لها وانتقلوا بشعرهم من محاكاة القديم، واستخدام الصيغ والقوالب الجاهزة إلى الاحتذاء بالقصيدة العربية القديمة الأصيلة في العصور العباسية والأندلسية، لكنه على الرغم من ذلك لم يركن إلى التقليد الجامد بل عمد إلى إضفاء مسحة التجديد. "ولا عجب فإن الشعر بعد موت وركود طويل عندما أراد التجديد ومحاولة بعث حيويته في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كان التجديد أو الإبداع لدى الشعراء مبدئا خطوه بإرسال المسحات الأندلسية، والعباسية، وما في الشعر من جزالة، أو قوة في جانب الحماس لكن الاستعمار الإيطالي قمع الحركة الشعرية التي كانت قد بدأت تقف على قدمين قويتين لأنه أدرك أن الشعر كان قادرا على التأثير في الجماهير، وتأليبها ضد المستعمر. يقول الشاعر "محمد الطيب الأشهب" في قصيدة (إخلاص قلبي) :

    جاد الزمان بوصـلها فأبـاحنا       طرفا كحيلا حالكا سحّارا

    في غفلة الرقباء والدهر الذي       كم لاكني في ماضغيه مرارا

    فنعمت نعمى نازح عن أرضه        ترك العشيرة كلها و الجارا

    وإذا سمعت فليس إلا صوتها         أعني به النغمات والأوتارا

            فالشاعر يلتزم بنمط البناء العمودي التقليدي للقصيدة، وينتحي منحى الغزل الذي عرفته الحاضرة العربية العباسية، وهو في هذا التقليد يعمد إلى استخدام ألفاظ رقيقة الحواشي، ليس فيها غلظة ولا وحشية، من أجل أن يوصل كلمته المبدعة إلى قلوب الشباب ويؤثر في أذواقهم. ومن قصيدة (الصحراء) للشاعر "أحمد علي الشارف".

    وشاسعة الأطراف واسعة الفضا      فلم تدر في ظـــلمائها أين تذهب

    ولم يك في الظلـماء نور مبدد        بسبــــسبها إلا إذا لاح كوكب

    وتسمع أصوات الكلاب مزيجة       بضجة حتى إن حدا بك مطلب

    ومن راح في أرجائها وفجاجها       يفاجـئه ليث وذئب وثعلب

            وهو يزاوج بين الألفاظ القديمة والحديثة في بناء عمودي أصيل، وضمن بحر خليلي رصين لا يخرج عنه ولا يطرف. ومن بين تلك الأشعار كذلك، نذكر أبياتا للشاعر "سليمان محمد تربح" من قصيدة (أجواء قلب) يقول فيها؟

    مال قلبي للهوى          يبتغي نفح العبير

    وتمادى فانكوى          بين أشواك الزهور

    عــود... تثنی

    وسقاه الورد حزنا

    ورأى الواقع شينا

    فتنحى و ارعوى       غائر الجرح كسير

         فنلاحظ أن الشاعر يستقي بنية الموشح الأندلسي ومظاهر التشكيل الشعري التي ظهرت في أواخر العصر العباسي مخمسات وغيرها، لينسج على منوال متناغم منها قصيدته التي لا تعلو على القديم ولا تنزوي إلى المحدث.

    ب . اتجاه التجديد و العصرنة:

           لا يقف الشعر كغيره من الفنون الإنسانية عند حدود بنائية قارة، إنما تحتم عليه حركة الزمان وتقدم الأفكار، وتبدل الواقع أن يتماشى مع كل روح جديدة، وأن يغير ما يجب تغييره وفق هذه الحتمية الطبيعية، وحتى لا يبقى الشعر الليبي رهين الزمن الماضي بينما حركة الحياة تدور في عجلة وارتقاء، وجد الشعراء أنفسهم مجبرين على مجاراة التغيير، دون وجل أو تردّد. يقول الشاعر "رفيق" في قصيدة (أما آن؟) :

    أما آن للشعر أن يـستقل      ويخلص من ربقة القافية؟

    فقد طـــال والله تقييده      بتقليدنا الـعصر الخالية

    إلام نسير بوزن الـخليل       ونرصف في قيده العائق

    وللشعر في كل لحن جميل     مــجال مع النغم الشائق

            وكمثال على قصيدة النثر يقول الشاعر علي محمد الرقيعي" في قصيدة ذكرى أمي:

    أنت كنت الرجاء والأمل المعسول، والـحب للفؤاد الكئيب

    أنت في خاطري المتيم إشراق من الحسن والجمال الخلوب

    أنت معنى الحياة ينشدها البشر أغان من الصفا المرغوب

         فها هو الشاعر ينظم ترنيمة في شوقه لأمه ضمن نمط من الرثاء المستحدث تختلف فيه التعابير عن تلك التي تعود الشعر القديم في غرض الرثاء، وهو في هذا مجدد . كما نسجل قصيدة من الشعر الحر للشاعر "أبي القاسم "خماج" يقول فيها :

    ظلمة الليل حوالي كثيفة

    وأنا أمشي وأمشي

    بيدي حلم سراج

    والمتاهات.. المتاهات مخيفة

    وأنا داخل نفسي

    من أنا؟!

    أأنا حقا على الأرض خليفة؟؟

        وقد ظهر كذلك نوع من الشعر المستجد عرف بالتشطير ، وقد كان مشهورا جدا في ليبيا، هذا النوع الشعر يجمع بين البناء العمودي المحتذى . خلال الاشتغال على قصيدة قديمة لأحد الشعراء، وإضافة نسج من قبل الشاعر ، ومنها أبيات للشاعر "علي محمد الديب" في (تشطيرة لرائية أبي فراس الحمداني):

     (أراك عصي الدمع شيمتك الصبر)     تعاني الأسى والدار نازحة قفر

      وتكـتم من أمر الهوى حرّ زفـرة    (أما للهوى نهي عليك ولا أمر)

           بلغ الشعر الليبي مرحلة من النضج الفني تشهد له الدراسات النقدية المعاصرة بالاكتمال والنقاء، ويبدو ذلك جليا من خلال الاهتمام الأكاديمي في جامعات الوطن العربي بدراسة ذلك الشعر وإعادة بعثه على الرغم من ندرة المدونات المطبوعة .

    2.     الأغراض الشعرية :

    أ - غرض المدح:

    يقول الشاعر "سليمان الباروني" يمدح "رجب" باشا المشير".

    ذاك المشير المرتضى عند الورى       حاوي المكارم حائز أسماءها

    جمع الفضائل والمحامد واكتسى        ثوب المـهابة والعلوم حـواهـا

    ومثل ذلك كثير، يتمثل في أبيات وقصائد في مدح بعض الشخصيات التاريخية من الأئمة أو الشعراء .

    ب . غرض الرثاء:

    يقول الشاعر "عبد الباسط الدلال" في رثاء الشاعر "إبراهيم الأسطى عمر:

    قبس شع في سماء الـــخلود     فانجلت ظلمة الأسى والخمود

    وأضاء الوجود فيض من الإلهام      يسـري على لسان مجــيد

    من جبين اليتيم إشراقة النو        ر وومــض الذكاء والتـجديد

    فالشاعر يعيد ذكرى شاعر آخر ويعلن أنه ورث عنه صدى القول، حتى لا يقال إنه قد مات فهو خالد في شعر

    ويقول الشاعر "علي الفزاني" في قصيدة (البذور تغني) :

    هذا التكاثر

    وازدحام اللغو في الأرض البوار

    أنا ما غنّيت لحنا للمقابر

    وغنائي كان، إسقاط الجدار

    كل يوم يأخذ الموت أبيا

    كيف دمعي لم يزل صلدا عصيا (...)

    والملاحظ أن أغلب المراثي كانت للشعراء، كما نجد أحيانا من يرثي أمه أو زوجته، أو يرثي أهل العلم جميعا.

    ت . وصف الطبيعة :

    يقول الشاعر "أحمد رفيق" في وصف الربيع:

    جاء الربيع فقم بنا يا صاح          تلق الزمان يمر بالأفراح

    في موكب لبس الزمان ثيابه        واختال منه بميعة ومراح

    عرس زهت فيه الطبيعة فاكتست   حلل النبات البارض الفواح

    أيامه حور حسان أقبلت            تهدي عروس الروح للأرواح

    وللشاعر أبيات كثيرة في وصف كل الفصول، كما نجد شعراء آخرين وصفوا الرياض والجبال ومظاهر الطبيعة الخلابة بخضرتها وأزهارها اليانعة، ومنهم وصف الصحراء والتغزل بمزاياها.

    ث . المرأة في الشعر:

    يقول الشاعر عبد المولى "البغدادي"

    سلي جفونك يا ســـــمراء ما فعــلت   بنازح غره فــــي دربــك السـفر

    صادي الجوانح في محراب غـــــربته    ما هزه الشــــوق إلا بات يــستعر

     أبحرت في موجك الفضي ليس معي     إلا المشـــــاعر أذكـــيها فتـــنهمر

    ج . الشعر الوطني:

    يقول الشاعر عبد ربه الغناي" في قصيدة (عيد)

    يا ابنة البيد: ليبيا. تتخـــــطى       كل يوم إلى العلا.. فاتبعينـا

     أعلن الحق، فالمـــآسي تولت      وبدا فجرنا.. مع المصلحينا

    ولنا من مناصري الحق رهط      عاضدونا.وهم بنا معجبونا

          وقد كان الشعر الوطني في ليبيا شعر ثوريا متميزا، جمع أحيانا بين موضوعات الفخر بالانتماء إلى العروبة أو إلى المغرب العربي أو إلى القطر الليبي، كما امتزج بالدعوة إلى الثورة أو وصف أمجادها، وكذلك امتزج بشعر الغربة والحنين إلى الوطن، كما نجد شعرا وطنيا في أقطار عربية أخرى ، أو الخوض في أزمة فلسطين، أو التعاطف مع آثار الفتنة الطائفية في لبنان.

    ح . الشعر الاجتماعي :

    يقول الشاعر "أحمد قنابة":

    حيوا الشباب الناهض الصنديدا       فالحق أصبح عدة وعديدا

    حيوا المدافع عن سناء بـلاده      مثل الجنود منظما وشديدا

    حيوه شهما ثابتا مستــأسـدا       واجفوه خبا طائشا عربيدا

         فالشاعر يشيد بالشباب وبأخلاقهم التي تسند الوطن وتبنيه وترفعه، وهو في هذه الأبيات يضمن نصحا بضرورة التحلي بالأخلاق الكريمة لأنها هي السمة التي ترفع الأوطان.

    المراجع :

    - أشغال المؤتمر الأول للوثائق والمخطوطات في ليبيا، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، طرابلس، 1992، ج:02. 27 - مجلة الأدبية الإلكترونية ميلود مصطفى عاشور، (مقال)، 13.09.2015.

    - السمات الفنية في أدب الرسائل المهجرية عند السنوسي بن صالح الدوكالي محمد نصر، أشغال المؤتمر الأول للوثائق والمخطوطات في ليبيا.

    - الشعر والشعراء في ليبيا، محمد الصادق عفيفي دار الطباعة الحديثة، 1957، مصر.

    - الشعر الليبي في القرن العشرين قصائد مختارة لمئة شاعر (مخطوط)، نقلا عن: عبد الحميد عبد الله الهرامة، عمار محمد حجيدر. 14- ديوان مصطفى بن زكري جمع : علي مصطفى المصراتي، دار مكتبة الفكر، طرابلس، ليبيا، 1972.

     

    حمل الملف من هنا

    اتجاهات الشعر في ليبيا



    [1] مأخوذ عن مقال للدكتورين : آمال كبير . عادل بودیار ( بتصرف )

      

    الاثنين، 6 مارس 2023

    القضايا والخصائص العامة في الشعر التونسي الحديث

     








    القضايا والخصائص العامة في الشعر التونسي الحديث

    1-    قضايا العروبة في الشعر التونسي الحديث:

          أ- قضية الثورة الجزائرية في الشعر التونسي:

       احتفى الشعر التونسي الحديث بالثورة الجزائرية كثيرًا ؛ فوردت العديد من النصوص الشعرية التونسية التي تناولت الثورة التحريرية الجزائرية ومثال ذلك ما قاله الشاعر أحمد المختار الوزير  في قصيدته المسماة "مأساة قلب":

    كانت بخيمتها وكان حيا لها   أم وأطفال صغار نوم

    تنتابها الذكرى فتقرح قلبها   يا للأسى يقسو ولا من يرحم

    وتظل هند بين يأس فاجع    حينا وحينا للرجاء تبسم

    يقول الشاعر التونسي "البشير المجدوب" في قصيدته "صرخة لاجئ:

    قالوا : جزائري ...تونسي...مراكشي

    لا بل أنا ... أنا مغربي، مغربي 

    لا أرتضي غير الشمال موطنا

    أبدا، لا أرتضي

    لا وإن كان البلد تونس والسكن

     والدم مني جزائري

           ولقد كان الشاعر التونسي سباقًا إلى نصرة الثورة الجزائرية؛ فنجده يتغنى بالشهداء والنضال الجزائري ولقد شغلت الثورة الجزائرية عددًا من الشعراء منهم صالح بن صالح  الخرفي وعلي الحلي ومصطفى الحبيب بحري.

    ب- قضية فلسطين في الشعر التونسي الحديث:

         كانت القضية الفلسطينية في مقدمة القضايا العربية التي تناولها الشعراء ,ويقول الميداني بن صالح في قصيد "جيل النكبة" :

    أجيل النكبة الحائر

    وآمال الملايين وبحة شعبنا الثائر

    ... قيودك ثر ومزّقها

    وأهدافك أنشدها

    وأرواح ضحايانا بأرض القدس خلّدها

    بأرض السلم والتين

    ... وغصّات المساكين

    بأرض العرب أجدادي

    وأعمامي وأخوالي وأحفادي .

    وهناك غيه الكثير من الشعراء الذين انتصروا لقضايا أمتهم ، وثاروا ضد احتلال فلسطين واغتصاب أرضها، وتهجير أهلها .

    ج- قضية العروبة في الشعر التونسي الحديث:

        كانت الوحدة العربية أمل الشعراء المغاربة ،ولذلك تناول الشعراء قضية العروبة باهتمام كبير ؛ وما قاله الشاعر الطاهر حداد مثال صالح ذلك:

    حسب العرب أنهم كل شيء*** وتغنوا بعصمة الأجداد

    كل شيء فيهم رأوه جليلًا** هم به في غنى عن استمداد

    فأبادوا قوى التجدد فيهم ** وتفانوا في خدمة الأحقاد

    بينما علمهُم أنار سواهم** واستطالت حياتة في البعاد».

    ليس للعرب دولةً هي منهم *“وإليهم بل هم صدى الأسياد

    ولم يكن الشاعر الصادق مازيغ بعيدًا عن الجرح العربي ؛ فله في قصيدة "صولة الحق" :

    أمة قد خلت؛ وعصر تولى وزمان مضى وشطت نواه

    دارت الأرض بالأنام لأمر جل أن تُدرك العقول مداه

    أمة تعتلي وتصبو إلى العيش ‏ وملك تخور وهنا قواه».

    وقال الشاعر عبد المجيد الجمني:

    لاتحزني

    حطً الفارس العربي في دربه للمقصلة:

    "من هنا تبداً "

    فامتطي هذا البراق....

       يتحسر الشاعر عبد المجيد الجمني على الوضع الذي آلت إليه الأمة العربية .

    د - قضية الوطنية في الشعر التونسي الحديث:

         حقق الشعر الوطني في تونس انطلاقة قوية  وعلى وجه التحديد في قصائد محمد زايد والصادق مازيغ والطاهر حداد حيث ظهرت روح الوطنية بارزة ومتقدة ، قال الشاعر الطاهر حداد في قصيدة "الوطن" :

    أَفديكَ يا وَطَني بِالنَّفسِ وَالمال  مِمّا يَسومك سوءاً فيه إِذلالي

    فديكَ يا وَطَني أفديكَ يا سكني  بِكَ اعتِزازي وَفيكَ اليَوم آمالي

    حبي إِلَيكَ أَراني الخطب منقبة  تزيدني شرفاً يزري بِعذالي

    لا عيش لي أَبتَغي إن لم يعش وطني في عزة وَرَخاء هانئ البالِ

    إِنّي بخدمَة أوطاني أذب على قومي وَأَهلي وَمَجدي الشامِخ العالي

    2-    القضايا الاجتماعية في الشعر التونسي الحديث:

    اهتم الشاعر التونسي الحديث بالعديد من المواضيع الاجتماعية؛ ويأتي في مقدمتها الفقر والجهل ومكانة المرأة التونسية في المجتمع.

    أ‌-     أ.   قضية المرأة في الشعر التونسي الحديث:

        الأم عند أبي القاسم الشابي مقدسة, فلها دور في تربية الأطفال؛ وقيادة المجتمع ,وتحدث الشابي عن أهميتها في المجتمع و مماورد في شعره في قصيدة "حرم الأمومة" :

    الأُمُّ تَلثُمُ طِفْلَها وتَضُـمُّهُ   حرمٌ سَمَاويُّ الجمالِ مُقَدَّسُ

    تَألَّهُ الأَفكارُ وهي جِوارَهُ  وتَعودُ طاهرةً هناكَ الأَنفُسُ

    حَرَمُ الحَيَاةِ بِطُهْرِها وحَنَانِها  هل فوقَهُ حَرَمٌ أَجلُّ وأَقدسُ

    بوركتَ يا حَرَمَ الأُمومَةِ والصِّبا  كم فيكَ تكتملُ الحَيَاةُ وتَقْدُسُ

    ب- قضية العلم في الشعر التونسي الحديث:

    تناول الشعر التونسي قضايا العلم والجهل وعلاقتهما بالوطن والأمة والمرأة وأثرهما في التطور والانحطاط ومقارعة الاستعمار ، فكثر الشعر في هذه القضية بوجهات متعددة ورؤى مختلفة وقد كان من بين الشعراء الذين كان لهم اهتمام واضح وشغف بهذه القضية الشاعر الطاهر حداد ومثال ذلك من قصيدته  :

    هيّا إلى العلم نسعى يا بني وطني ** فالعلمُ أس نجاح المرء في العمل

    لكنما الجهل أخفى عن بصائرنا** نهج الخلاص فأسرعنا إلى الملل

    وهكذا الجهل يُردي أماً جهلت ** فضل العلوم فباتت أحقرٌ الملل .

    3-    خصائص الشعر التونسي الحديث:

    أ‌-       التأثر بالشعر العربي القديم

    ب‌-   التغني بالطبيعة

    ت‌-  الميل إلى السهولة والرمز والخيال:

    ث‌-  الميل إلى التجديد في الشعر التونسي الحديث

    ج‌-    التأثر بالشعر الرومانسي

    ح‌-    تنوع الموضوعات    .

    حمل الملف من هنا 


                                                       

    المشاركات المميزة

    مشاركات