منصف
الوهايبي:
لم يأت بعدُ
زماننا، شخنا؛ ومتنا
نوقظ
الكلمات في لغة تنام ثقيلةً في نعمة النسيان، من جثمانها
مازال يصعدُ
صوتها من منزل الكنديّ، من أطلالِ خولةَ؛
وليكنْ
فلنا
سراسنةً أمازيغًا أفارقةً سنوكيّينَ
في أبواب
كلّ مدينةٍ أو قلعةٍ، في كلّ بحر أو فلاةْ
شعرُ الرعاة
ولنا فنون
سبعة والموت ثامنها مدجّنها، علينا
***
قوس ريحان
عريش من حمام
والشبابيك
رمت أبوابها
قرية من سعف
النخل ومن حبر الفضول.
غضب الرعد
ولطف الغيم فيها ربياني
قرية نسهر
في سروالها
ويبوح التين
والتوت بما تخجل منه الشفتان
في أعالي
شجر النخل نمت ذاكرتي
هو ذا
السماق نحنيه وهيأنا البقول
ونقول
التابل الطيب لن ينقصنا هذه العشية
هو ذا
ليحتضن النسرينَ طفل
كي يردّ
الوردُ للورد التحية
في أعالي
شجر النخل نمت ذاكرتي
إنّه النرجس
يأتي حافيا
ما الذي
يشغله
والرفيق
يعطيني ذراعيه وأعطيه قميصي
وتُغطينا
يدا زيتونة
لي في دفتري
الأخضر شباك وفي الأزرق وعد
لي في محفظة
الشمس كتاب…
***
ويحتفي
الشاعر التونسي المنصف الوهايبي بالأمكنة والفضاءات في مخطوط تمبكتو احتفاء
لا مثيل له حيث تحضر مدينة حاجب العيون باسمها الروماني” مسكلياني”، وهذه “تمبكتو”
المدينة الإسلامية الشهيرة في جنوب مالي،
و “تكاباس” وهي مدينة قابس قبل الفتح الإسلامي، و “هيبوأكرا” اسم مدينة
بنزرت قديما، و “أوتيكا” وهي مدينة قديمة قرب بنزرت اشتهرت بمينائها، وغيرها من
المدن التي أحيا الشاعر ذكرى مجدها القديم
ويتباهى
الشاعر بهذه المدن وغيرها من المدن العربية القديمة، وبآثارها التي ظلّت صامدة على
مرّ الزمن، المدن الأسطورية سادوم، وعامورا، وإرم ذات العماد وغيرها، وحضورها
مجتمعة في قصيدة واحدة قد يعطّل الفهم.
ويستحضر الشاعر إضافة إلى أسماء المدن العربية
والإفريقية الشهيرة، أسماء لرموز تاريخية وصوفية وتراثية من قبيل السهروردي
المقتول، والحلّاج، وابن عربي، وغيرهم … وقد تحضر هذه الأسماء جميعها في القصيدة
الواحدة من قبيل قصيدة “هرٌّ ينظر من بِلَّوْرٍ أزرق”:
وحلُمْتُ
بأنِّي في بستانِ أبي
في
مسْكلياني
حين حُمِلتُ
إلى مغتسلِ الموتى
في تمبكتو …
قلت لنفسي
:متى يَفِدُ الأصحابُ ويبتدئ الحفل ؟ .
وأتى أصحابي
:
رابعةٌ
جاءتْ في
وشيٍ من صنعاءْ ،
محي الدِّين
بـهرٍّ شامي
ينظرُ من بِـلَّوْرٍ أزرقْ،
المقتولُ
شهابُ الدينِ
على فرسٍ
خضراءْ،
مولانا
في جلبابِ
الصُّوفِ يطوفُ بأكوابِ الفضَّةْ،
حتى ثملوا
وتخافتَ ضوءٌ في مشكاتي .
وابتدؤوا
ينْـفضُّونْ،
فهممتُ
ولكنَّ
الحلاجَ الواقف بالبابِ
أشارَ أَنِ
ابقَ هنا يا تمبكتي !
قلت : وأنتم
يا حلاجُ إلى أين ؟
قال : إلى
مسكلياني !
أمَّا أنت
فلم يبدأْ حفلُـكَ يا تمبكتي !
لم تدخل
بعدُ إلى فرحِ الربْ !
سيكون رفيقك
هذا الهرّ الشاميّ
ليقودَكَ
؛ إمَّا تعتعكَ السُّكْرُ إلى البيتْ’
أدونيس :
أريد أن
ألمس أعماق الأمكنة، أن أزرع السماوات في أحشاء أرض
كمثل نباتات
نصفها بشر ونصفها غيوم وأعاصير، أريد أن
أستأصل
جذور الملائكة
أدونيس :
إلى مربع الصفر أم إلى مثلث
الشهوة؟ إلى أهرامات الأثير أم
إلى خيام التاريخ
إلى
الريح التي تتبخّر من المقابر أم إلى يمامة جائعة؟